٨ مارس اليوم العالمي للمرأة – من التمكين إلى الازدهار: الآثار الإيجابية للمساواة بين الجنسين

اليوم العالمي للمرأة، الذي يتم الاحتفال به سنويًا في ٨ مارس، هو يوم للاحتفال بالإنجازات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للمرأة في جميع أنحاء العالم وفرصة للدفاع عن حقوقهن الأساسية ولفت النظر لمعاناتهن، شعار هذا العام لليوم الدولي للمرأة هو [1]“#EmbraceEquity”، وهو دعوة للعمل لتحدي التمييز الجنسي وعدم المساواة بين الجنسين وخلق عالم أكثر عدلا وشمولا.

أصبحت المساواة بين الجنسين قضية مهمة في العديد من المجتمعات حول العالم. تعرضت النساء تاريخياً للتهميش والتمييز في العديد من المجالات، بما في ذلك التعليم والتوظيف والسياسة. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، كان هناك وعي متزايد بأهمية المساواة بين الجنسين، ليس فقط من وجهة نظر أخلاقية ولكن أيضًا من منظور اقتصادي واجتماعي. شهدت البلدان التي أحرزت تقدمًا كبيرًا في مجال حقوق المرأة العديد من الفوائد، بما في ذلك تحسين الأداء الاقتصادي، ومستويات أعلى من الاستقرار الاجتماعي، وتحسين الصحة العامة والرفاهية للنساء والرجال..

من أهم فوائد تعزيز المساواة بين الجنسين هو تحقيق نمو اقتصادي. وفقًا لتقرير صادر عن معهد ماكينزي العالمي، في حال شاركت النساء في الاقتصاد بنفس معدل مشاركة الرجال، فقد يرتفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 12 تريليون دولار بحلول عام 2025[2]. الأمر الذي يشير إلى أن الدول التي تقوم بسد الفجوة بين الجنسين في التوظيف وريادة الأعمال تتمتع بنمو اقتصادي أكبر، فعندما تتاح للمرأة فرص متساوية في التعليم والتدريب وفرص العمل، فإن مساهمتها في القوة العاملة أكبر، وبدوره يؤدي ذلك إلى زيادة الإنفاق والاستهلاك، وخلق دورة إيجابية من النمو الاقتصادي.

في عمان العديد من الأنظمة تقوم بالحد من فرص النساء في سوق العمل سواء بشكل مباشر مثل اشتراط “أن يكون المتقدم للوظيفة ذكرًا” ومنع النساء من تولي منصب قاضية، بالإضافة لنظام القبول الموحد الذي يميز ضد الطالبات الإناث بسبب تحديد عددٍ من المقاعد لكل جنس بغض النظر عن التحصيل الدراسي.

أو بشكل غير مباشر مثل “نظام التصاريح” الذي ينتهك حرية طالبات الجامعات بالتنقل بالتالي والحد من اندماجهن في المجتمع والفرص الوظيفية والاستثمارية، وبشكل غير مباشر أيضا من خلال تزوج الفتيات الصغيرات قبل إكمال دراستهن المدرسية أو الجامعية أو منعهن بعد ذلك من العمل وذلك تحت رعاية المادة ١٠ من قانون الأحوال الشخصية.

زيادة الاستقرار الاجتماعي تعد فائدة أخرى للمساواة بين الجنسين، حيث وجدت دراسة أجرتها الأمم المتحدة أن النساء في البلدان والمناطق ذات الدخل المتوسط المنخفض والمنخفض هن أكثر عرضة للعنف مقارنة بالنساء في البلدان ذات الدخل المرتفع، في البلدان المصنفة على أنها “أقل نموًا” وفقًا لأهداف التنمية المستدامة، تعرض 37٪ من النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا للعنف الجسدي و / أو الجنسي من قبل شركائهن الحميمين في مرحلة ما من حياتهن[3]. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الأبحاث التي أجراها البنك الدولي أنه عندما يتم تمكين المرأة من المشاركة الكاملة في المجتمع، فإن النساء يقمن بالمشاركة في أنشطة تبني المجتمع وتعمل على التغيير الاجتماعي الإيجابي.

في عمان، حتى اللحظة لا يوجد تعريف قانوني للعنف الجسدي أو النفسي أو الاقتصادي الأسري ضد المرأة، ولا توفر الحكومة خطًّا ساخنًا أو ملاجئ لضحايا العنف الأسري، ولا يعترف القانون بالاغتصاب الزوجي ولا يحمي النساء منه، كما لا يكفل حق الطلاق للمرأة؛ ما يجعل ضحايا العنف من النساء في دائرة ضيقة من الأسى دون أي حماية خارجية.

كما تميل البلدان التي تتمتع بحقوق أفضل للمرأة إلى أن تكون لديها مستويات أعلى من التمثيل السياسي النسائي، ويؤدي ذلك إلى سياسات أكثر شمولية وقرارات أفضل بشكل عام. من الناحية القانونية العمانية فإنه يمكن للمرأة العمانية أن تصوت وتترشح لتولي عضوية مجلس الشورى، لكن فرصها العملية في التنظيم بشكل مستقل وتعزيز مصالحها في النظام السياسي قليلة، في الوقت الحالي في مجلس الدولة المعين فإن أعلى نسبة من النساء هي ١٨.٠٧٪ من إجمالي الأعضاء وكانت في الفترة الخامسة، وأقل نسبة هي ٩.٧٠٪ وكانت في الفترة البرلمانية الأولى[4]، وقد انتخبت سيدتان فقط لعضوية مجلس الشورى عام 2019

أخيرًا، يمكن أن يكون لتعزيز المساواة بين الجنسين آثار إيجابية على صحة ورفاهية كل من النساء والرجال، وفقًا لبحث نُشر في المجلة الإلكترونية BMJ Open، من المرجح أن تشهد البلدان التي تعطي الأولوية لحقوق المرأة وتحميها نموًا اقتصاديًا أسرع ونتائج صحية أفضل من البلدان التي تتعرض فيها المرأة للعديد من الانتهاكات، تشير الدراسة إلى وجود علاقة إيجابية بين تعزيز حقوق المرأة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والصحية[5]. بالإضافة إلى ذلك، عندما يتم تمكين النساء لاتخاذ قراراتهن الصحية بحرية تامة، فالنتيجة هي تحكم أفضل في خياراتهن الإنجابية، وتحسين تنظيم الأسرة وتحقيق نتائج أكثر صحية لكل من الأمهات والأطفال.

للأسف فإن حقوق النساء الصحية والإنجابية في عمان تتعرض لبعض الانتهاكات أولها هو تعريض بعض الفتيات للختان في سن مبكرة رغم تجريم ذلك قانونيا، ومنع الإجهاض بتاتًا حتى لضحايا الاغتصاب والعنف والقاصرات، كما لا يوجد قانون أو توعية حكومية بأهمية احترام رغبة المرأة بعدم الإنجاب في ظل التوقعات والضغط المجتمعي بهذا الشأن. بالإضافة لذلك فإن النساء مسلوبات الحق في تمرير جنسيتهن لأطفالهن أو عدهن وليات أمر لهن/م، كما يضع القانون الكثير من العقبات أمام زواج العمانيات من غير العمانيين في وضع يقيد حريات النساء في الزواج من شريك الحياة الذي يردن.

في الختام، هناك العديد من الأسباب التي تجعل البلدان التي تتمتع بحقوق أفضل للمرأة تتمتع بنتائج أفضل من النمو الاقتصادي إلى الاستقرار الاجتماعي إلى تحسين الأوضاع الصحية للأفراد، لا يزال أمام عمان الكثير من العمل الذي يتعين على أصحاب القرار القيام به لتحقيق المساواة بينهما من أجل خلق مجتمع أكثر عدلاً وازدهارًا، بدءًا بسَنِّ قوانين جديدة لحماية النساء وإلغاء تلك التي تعد انتهاكًا لحقوقهن وتضيقًا لحرياتهن ومرورًا بالعمل على دعم النساء للاندماج في الحياة السياسية والاقتصادية.


[1] IWD: International Women’s Day 2023 campaign theme: #EmbraceEquity (internationalwomensday.com)

[2] How advancing women’s equality can add $12 trillion to global growth | McKinsey

[3] Facts and figures: Ending violence against women | What we do | UN Women – Headquarters

[4] مجلس الدولة – البيانات المفتوحة (statecouncil.om)

[5] Nations with strong women’s rights likely to have better population health and faster growth | BMJ

قد يعجبك ايضا