
حرية الصحافة والإعلام تحت مقصلة القوانين العُمانية
تعد وسائل الإعلام عاملًا مؤثرًا في المجتمع، حيث يتمثل دور وسائل الإعلام في نقل الواقع وكشف الحقائق، وهي تلعب دورًا مهمًّا في بناء إحساس الشخص بالواقع، وإيصال الأفكار وتضمين المجتمع بالمعلومات، حتى إنها تعمل على محاسبة الأشخاص والحكومات من خلال لفت النظر لمختلف القضايا؛ لذا فإن حرية الإعلام في أي بلد تعد مؤشرًا للتنمية ولمدى احترام حقوق الإنسان فيها.
الانتهاكات ضد الإعلاميين والصحفيين في العالم أيضًا مؤشر على حرية تدفق المعلومات عالميًّا، وفقًا لمنظمة مراسلون بلا حدود، منذ الأول من يناير ٢٠٢١ تم قتل ٥٠ صحفيًّا وعاملًا في الإعلام، و هناك ٢٥٣ محتجزون في السجون.[1]
في التصنيف العالمي لحرية الصحافة ٢٠٢٢، صنفت منظمة مراسلون بلا حدود عُمان في المركز ١٦٣ من بين ١٨٠ دولة، وقد كانت عُمان منذ عام واحد فقط في المركز ١٣٣، ما يعني تقييدًا كبيرًا ونزولًا سريعًا جدًّا في حرية الصحافة.[2] وقد اعتمد التصنيف على حرية الصحافة في المجالات السياسية والاقتصادية والتشريعية والاجتماعية والأمنية.
التصنيف السابق لحرية الصحافة في عُمان ليس مستغرباً في ظل القوانين والاعتقالات والأنظمة الموجودة. يحتوي القانون على مواد ومصطلحات فضفاضة يسهل تضمين أي معنى فيها ؛ما يسهل مقاضاة كل من لا يتبع المسار أو الرؤية التي تريد أن تروج لها الحكومة:
المادة (٩٧) من قانون الجزاء يعاقب بالسجن لمدة أقصاها ٧ سنوات كل من ينتقد السلطان أو عائلته أو سلطته. وقد استخدمت ضد الدكتور أحمد قطن إثر تغريدات على تويتر مطالبًا بصلاحيات أكبر لمجلس الشورى.
المادة (١٠٢) يعاقب بالسجن مدة أقصاها (٣) ثلاث سنوات من ينتقد رئيس دولة أجنبية في أثناء وجوده في إقليم الدولة.
المادة (١١٥) يعاقب بالسجن مدة أقصاها (٣) سنوات أو (١٠) سنوات في أوقات الأزمات كل من حرض أو أذاع أو نشر عمدًا في الداخل أو الخارج أخبارًا أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة، وكان من شأن ذلك النيل من هيبة الدولة أو إضعاف الثقة بأسواقها المالية أو مكانتها الاقتصادية والمالية. وقد استخدمت هذه المادة في إغلاق جريدة الزمن التي صدر قرار بإغلاقها بعد تقرير عن فساد إداري في وزارة العدل، وفي ٢٠٢٢ استخدمت ضد الدكتور أحمد قطن إثر نشاطه على تويتر ورائد الأعمال هاني السرحاني.
المادة (١٩) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، يعاقب بالسجن مدة أقصاها (٣) سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في إنتاج أو نشر أو توزيع أو شراء أو حيازة كل ما من شأنه – أو ينطوي على – المساس بالقيم الدينية أو النظام العام. وهي مادة استُخدمت ضد ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي والمهتمين بالسياسة أو الحرية الدينية، وتم استخدامها مؤخراً ضد رائد الأعمال هاني السرحاني بعد نشره المقطع المرئي الذي أفصح فيه عن الاعتصام السلمي الذي قام به عبر قناته في اليوتيوب هو ومن معه، والدكتور أحمد قطن إثر نشاطه على تويتر.
المادة (٢٤٩) من قانون الجزاء، يعاقب بالسجن مدة أقصاها سنتان وغرامة أقصاها ١٠٠٠ ر.ع كل من نشر تحقيقًا أو وثيقة علنًا دون إذن من الادعاء العماني أو المحكمة المختصة. وقد استُخدمت هذه المادة ضد الصحفي المختار الهنائي بسبب نشره تغريدة يوم 9 مارس 2022 عن قضية فساد مالي وإداري في إحدى الوزارات العمانية.
البند (٢٦) من قانون المطبوعات والنشر، يحظر نشر كل ما من شأنه المساس بسلامة الدولة أو أمنها الداخلي أو الخارجي وكل ما يتعلق بالأجهزة العسكرية والأمنية وأنظمتها ولوائحها الداخلية وأية وثائق أو معلومات أو أخبار أو اتصالات رسمية سرية سواء أكان النشر من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة أم من خلال استخدام الشبكة المعلوماتية أو وسيلة من وسائل تقنية المعلومات إلا بإذن من السلطات المختصة.
إن العالم يقيس مدى تقدم الدول من خلال عدة أمور من أهمها الحريات التي يتمتع بها مواطنوها، أما حرية التعبير فهي على رأس الحريات التي من المفترض أن يكون مسلَّمًا بها ولا تقبل مجرد النقاش؛ لذا فإن التقييد الشديد على حرية التعبير والرقابة المجهرية على وسائل الإعلام، والإعلاميين والنشطاء لا يعد إلا إشارة لمدى التهميش الذي تسعى أية حكومة تقوم بكبت أصوات الناس لتحقيقه، على الحكومة أن تدرس أسباب اتباع منهج استبدادي كهذا وعواقبه. المركز يدعو لاحترام حرية الإعلام والكف عن ملاحقة النشطاء وإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي.