
قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة يإعلان يوم ٢٢ أغسطس من كل سنة يوماً دولياً لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد، تأكيداً على الحق في حرية الفكر والدين والمعتقد و تنديداً بأعمال التعصب والعنف القائمة على أساس الدين، كما تشير الأمم المتحدة لمسؤولية الحكومات عن تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.[1]
إن التحدي في عمان لا يتمثل فقط في رفض شريحة كبيرة من المجتمع الاختلاف عن الفكر السائد أو الإلحاد أو ازدراء الديانات الأخرى، بل كذلك في تحريض قامات دينية ذات تأثير واسع ضد الحرية الفكرية والدينية وفي غياب القوانين التي تحمي حرية الدين والمعتقد. بل إن القوانين بحد ذاتها تعد انتهاكاً للحريات، على سبيل المثال: حسب القانون العماني، فإن المادة 269 من قانون الجزاء المحدّث (العقوبات) تنص على أنه:[2]
يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (3) ثلاث سنوات، ولا تزيد على (10) عشر سنوات كل من ارتكب فعلا من الأفعال الآتية:
أ – التطاول على الذات الإلهية، أو الإساءة إليها، باللفظ أو الكتابة أو الرسم أو الإيماء، أو بأي وسيلة أخرى.
ب – الإساءة إلى القرآن الكريم أو تحريفه، أو تدنيسه.
ج – الإساءة إلى الدين الإسلامي أو إحدى شعائره، أو سب أحد الأديان السماوية.
د – التطاول على أحد الأنبياء أو الإساءة إليه باللفظ أو الكتابة أو الرسم أو الإيماء، أو بأي طريقة أخرى.
كذلك فإن المادة 277 من قانون الجزاء العماني الجديد تنصُّ على أنه:
يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (10) عشرة أيام، ولا تزيد على (3) ثلاثة أشهر كل من جاهر في مكان عام بتناول الأطعمة أو المشروبات أو غير ذلك من المواد المفطرة في نهار رمضان.
مفتي عام السلطنة، الشيخ أحمد الخليلي، وهو إحدى الشخصيات المؤثرة في المجتمع ويُعتبر أيضاً موظفاً حكومياً، في أكثر من محاضرة ومقابلة شن هجوما حادا على العلمانيين والعقلانيين والملحدين، وحرّض عليهم، ووصف نشاطهم بأنه “علّة وداء دفين” وأنهم “يريدون نشر الضلال”.[3] كما قام مؤخراً بحملة إلكترونية وقدم ندوة بعنوان: “الإلحاد وحقيقة التوحيد” عبر من خلالها عن توجه عدائي وترويج لخطاب كراهية للعديد من الفئات كالملحدين والشيوعيين وما أسماها “الحملة الصليبية الحاقدة”[4].
وفي قضية حديثة، في شهر يونيو من هذا العام تعرض أربعة أشخاص للاعتقال والمحاكمة في قضايا تتعلق بالحرية الدينية والفكرية، وقد وجهت لهم تهم مثل “ازدراء الديانات السماوية” و “التطاول على الذات الإلهية، والإساءة إليها” و”استخدام الشبكة المعلوماتية ووسائل تقنية المعلومات في التحريض والإغواء على ارتكاب الفجور” وقضت بمعاقبتهم بالسجن لسنوات تتراوح بين ٣-٥ سنوات.
عقب نشر الأحكام عاد المفتي العام للسلطنة الشيخ أحمد الخليلي وأبدى تأييده للأحكام ضد المتهمين الأربعة رغم أنها لا تعد نهائية ولم تتجاوز الطعن في المحكمة العليا، كما حرض على الملحدين ووصف كل من يدعم الحريات الدينية بأنهم ضالون وأعداء لله والبشرية.
وكان المركز العماني لحقوق الإنسان في تقريره الذي تناول قانون الجزاء العماني بعد تحديثه في 2018، قد حذر من البند أ من المادة ٢٦٩ لأن السلطات قد تستغله في التضييق على أي نشاط تصفه بالإلحادي، كما قد تستغله في مراقبة صاحب النشاط وسجنه.
المركز العماني لحقوق الإنسان يعيد التأكيد على أهمية توقف الحكومة العمانية استخدام سلطتها في ملاحقة ومضايقة الأشخاص بسبب التعبير عن معتقداتهم الدينية، وإلغاء المادة ٢٦٩ التي تعد تهديداً لحرية الدين والفكر والمعتقد في عمان، بالإضافة لإسقاط التهم الموجهة لجميع المعتقلين بسبب توجهاتهم الفكرية، منهم مريم النعيمي وعلي الغافري الذين جرت محاكمتهم منذ يونيو الماضي.
[2] يوم حقوق الإنسان – 10 ديسمبر – المركز العماني لحقوق الإنسان (ochroman.org)
[3] حرية الدين والمعتقد – المركز العماني لحقوق الإنسان (ochroman.org)
[4] https://twitter.com/ahmedhalkhalili/status/1526231020428730369?s=21&t=UYEgtS5BeoTpCpYxozAfYg