
قضية مساحات غيث: اختبار للحريات الفكرية والدينية
عقدت يوم 7 يونيو جلسة النطق بالحكم في القضية المعروفة إعلامياً بـ”مساحات غيث”، وهي القضية التي شهدت منذ 24 يوليو وحتى 2 أغسطس 2021 اعتقال عدد من الشباب العماني النشط على مواقع التواصل، وهم: غيث الشبلي، علي الغافري، مريم النعيمي وعبدالله حسن، وذلك على إثر نقاش تناول حرية الإلحاد والفكر الديني، وقد اتُّهموا بعدة تهم منها: التجديف بالذات الإلهية، وسوء استخدام تقنية المعلومات.
في أكتوبر 2021 أُطلِق سراح المتهمين الأربعة بكفالة، واستمرت محاكماتهم حتى ٧ يونيو حيث صدر الحكم:
أولا:
-بثبوت إدانة المتهم/ علي بن مرهون الغافري بجناية التطاول على الذات الإلهية، والإساءة اليها، وقضت بمعاقبته عنها بالسجن مدة خمس سنوات (5)، والامر بمصادرة هاتفه المضبوط وغلق حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر) ونشر الحكم علناً، وإلزامه بالمصاريف القانونية.
-تغيير القيد والوصف لجناية التطاول على الذات الإلهية والإساءة اليها المنسوبة للمتهمة / مريم النعيمية الى جناية الإساءة الى الأديان السماوية. وقضت بمعاقبتها بالسجن ثلاث سنوات (3)، والامر بمصادرة هاتفها المضبوط وغلق حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي وإلزامها بالمصاريف القانونية.
ثانيا:
-عدم مؤاخذة المتهم غيث جزائيا بشأن جنايتي (التطاول على الذات الإلهية والإساءة اليها) و (استخدام الشبكة المعلوماتية ووسائل تقنية المعلومات في التحريض والاغواء على ارتكاب الفجور) لانعدام مسؤوليته الجزائية.
ثالثا: عدم الاختصاص بالنظر في الجنح كافة والمنسوبة للمتهمين جميعهم، وإحالتها مع الهواتف المضبوطة والعائدة للمتهمين غيث بن مطر و عبدالله بن حسن إلى محكمة الجنح المختصة.
حسب رأي المركز، كانت هذه القضية فرصة حقيقية لاخبار مدى جدية التسامح والانفتاح الفكري اللذين طالما ادَّعتهما السلطة في عمان، وهو ما يُناقض قوانينها وممارساتها على أرض الواقع على نحو صارخ كثيراً ما أدانته منظمات حقوق الإنسان. على سبيل المثال، تعاقب المادة 269 من قانون الجزاء بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات، كل من قد تصف السلطات نشاطه بأنه معاد للدين الإسلامي أو ينال من القيم الإسلامية. وكان المركز العماني لحقوق الإنسان في تقريره الذي تناول قانون الجزاء العماني بعد تحديثه في 2018، قد أشار إلى أن البند أ من هذه المادة دائماً ما استُغل للتضييق على أي نشاط وصفته السلطات بالإلحادي ومراقبته وسجن صاحبه، مثلما حدث في قضية الراحل حسن البشام.
المعتقلون الأربعة بسبب هذه القضية، كان نشاطهم عبر الإنترنت، وتحديداً عبر مساحات تويتر، حيث اعتادوا على فتح باب نقاش حر متعدد الجوانب يتناول موضوع الإلحاد وينتقد العادات والقوانين التي تُقيّده. يُشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها السلطات باعتقال نشطاء ومحاكمتهم بسبب تغريدات أو آراء منشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث سبق للسلطات أن حجبت تطبيق “كلوب هاوس” في عمان، وكذلك اعتقلت عدداً من الأشخاص أو استدعتهم للتحقيق بسبب تغريدات أو آراء نشروها على مساحات تويتر، مثل فعلت ضد المختار الهنائي.
في هذا السياق، دعى المركز العماني لحقوق الإنسان، السلطات العمانية إلى ضرورة إسقاط كل التهم عن المعتقلين غيث الشبلي، علي الغافري، مريم النعيمي وعبدالله حسن، وإيقاف محاكمتهم فوراً، وإلى حماية حق حرية الرأي والتعبير وإلغاء المادة 269 من قانون الجزاء العماني أو أي مادة قانونية تنتهك الحقوق والحريات العامة والفردية.