
إحدى أهم طرق الحفاظ على حقوق الإنسان على مستوى داخلي ودولي تتم بواسطة التحقيقات الدولية المستقلة وغير الحكومية. تعد التحقيقات المستقلة بالغة الأهمية لأسباب عدة في مقدمتها ضمان التزام الدول بالعقود والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، أي القدرة على تسمية الانتهاكات ومساءلة المسؤولين ومحاسبتهم. بالإضافة إلى حماية الناس عامة والحلقات الأكثر عرضة للإساءة خاصة، مثل المرأة والطفل والعمال المهاجرين، فإن التحقيقات الدولية المستقلة تكشف الانتهاكات التي تقوم بها السلطات المسؤولة عن حمايتهم أساساً كالشرطة على سبيل المثال. كما تعمل هذه التحقيقات على تحقيق العدالة للأشخاص الذي تعرضوا للظلم من جهات ذات سلطة عالية كبتت شكواهم، مثل الأشخاص الذي أُخضعوا للسجن التعسفي والتعذيب وغيرهما من الانتهاكات التي تقوم بها جهات رسمية.
وفقاً لتقرير الخارجية الأمريكية عام ٢٠٢١ فإنه لا توجد منظمات حقوق إنسان مستقلة ومعتمدة رسميّاً في عمان.
كما يطلب من مجموعات المجتمع المدني التي تدافع عن الأشخاص المحميين بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان، وخاصة النساء والأشخاص ذوي الإعاقة، التسجيل لدى وزارة التنمية الاجتماعية. بينما يسمح قانونياً للجهات الفاعلة المحلية والدولية بطلب الإذن بالمشاركة في العمل الحقوقي لم يقم أي منها بذلك، حيث يسود اعتقاد بأنه من غير المرجح أن تمنح الحكومة الإذن. توجد لجنة واحدة لحقوق الإنسان وهي ممولة من الحكومة وتابعة لها[1] وهو ما يجعلها خاضعة لتوجهات الحكومة ومن ثم فإنها لا تعمل بالكفاءة المطلوبة لحماية الناس من الانتهاكات التي قد يتعرضون لها من جهات حكومية، وهو أمر كثر حدوثه في عمان. المركز العُماني لحقوق الإنسان وثَّق حالات عديدة قامت الحكومة فيها بالانتهاكات، وذلك من خلال تقارير سنوية شرع في نشرها منذ عام ٢٠١٥.
عادةً، يُعمَل بهذه التحقيقات المستقلة كتنفيذ لبند من بنود اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية التي تصدِّق عليها الدول المشاركة. على الرغم من فعالية الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان في إلزام الدول باحترام حقوق الإنسان، فإن للدول حق التحفظ على بعض بنود الاتفاقيات التي غالبا ما تعدها الحكومات، وخاصة في المنطقة العربية، وسيلة لاستبعاد الأجزاء أو البنود التي لا تتيح لها انتهاك بعض الحقوق لتعزيز مصالحها وقبضتها بحجة تعارض تلك البنود مع الشريعة الإسلامية أو القوانين المحلية. لم توقع عمان عدداً من اتفاقيات حقوق الإنسان المهمة، مثل اتفاقية عام 1954 المتعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية واتفاقية عام 1961 بشأن خفض حالات انعدام الجنسية[2]، وكذلك الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم[3].
وفي بعض الحالات وقعت عمان بعض الاتفاقيات لكنها تحفَّظت على بنود معينة مثل اتفاقية سيداو المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي وقعتها عمان عام ٢٠٠٥ بعد التحفظ على عدة بنود من بينها تمرير المرأة الجنسية لأبنائها. وفي حالات أخرى تحفظت عمان على البند الذي يسمح للجهات المسؤولة بالتحقيق في مدى التزام الدول الأعضاء ببنود الاتفاقية والنظر في شكاوى الأفراد الذين تقوم الاتفاقية بحمايتهم؛ على سبيل المثال، في ١٧ مارس ٢٠٠٨ وقَّعت عمان اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إلا أنها تحفظت على توقيع البروتوكول الاختياري للاتفاقية، وهو اتفاق فرعي يسمح للأطراف بالاعتراف باختصاص لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في التحقيق في الشكاوى المقدمة من الأفراد، ويشكل نقطة ضعف فيما يتعلق بالتزام عمان بضمان جميع حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ظل رفض السلطات محاسبة أو مراقبة المنتهكين.[4]
يجب على الحكومة العمانية دعم استقلال منظمات حقوق الإنسان التي تعمل على كشف الانتهاكات ومساءلة المسؤولين ومحاسبتهم حيث يعد ذلك أمر أساسي لحماية الناس وتعزيز شعورهم بالأمن والأمان وتحقيق العدالة.
[1] US Department of State. 2021 Country Reports on Human Rights Practices: Oman. https://www.state.gov/reports/2021-country-reports-on-human-rights-practices/oman/
[2] Submission to the Committee on the Rights of the Child on Oman | Human Rights Watch (hrw.org)
[4] CRPD List of Countries by Signature : Confirmation : Accession : Ratification | Disabled World (disabled-world.com)