الحريات السياسية والمدنية في عمان

تنص مفوضية الأمم المتحدة بشكل أساسي على ترابط الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، حيث تعد عملية الانتخابات النزيهة عنصراً أساسيّاً للديمقراطية وبالتالي لحماية حقوق الإنسان المدنية والسياسية.[1]

وفقاً لمنظمة “Freedom House” فإن عمان تعتبر دولة “غير حرة” وقد حصلت على درجة ٢٣/١٠٠ في تقييم الحريات السياسية والمدنية التي يتمتع بها السكان. يسلط المركز العماني لحقوق الإنسان الضوء على أهم النقاط المذكورة في التقرير والتي تبرر التقييم السابق. وبشكل عام تعتبر عمان ملكية وراثية، والسلطة تتركز في يد السلطان. يقيد النظام فعليّاً جميع الحقوق السياسية والحريات المدنية، ويفرض عقوبات جنائية على النقد والمعارضة.[2]

أولا- العمليات الانتخابية:

– عمان ملكية وراثية والسلطة تتركز في يد السلطان الذي يتولى عدداً من المناصب من بينها رئيس الوزراء. يقيد النظام فعليّاً جميع الحقوق السياسية والحريات المدنية، ويفرض عقوبات جنائية على النقد والمعارضة.

– أنشئ النظام الأساسي عام 1996، وقد صدر بمرسوم سلطاني. مجلس عُمان يتألف من مجلس دولة معين ومجلس شورى ينتخب المواطنون أعضاءه كل أربع سنوات، لكن المجلس ليس لديه سلطات تشريعية ويمكنه فقط التوصية بإجراء تغييرات على القوانين الجديدة.

– يسمح الإطار الانتخابي لجميع المواطنين فوق سن الـ21 بالتصويت ما لم يكونوا في الجيش أو قوات الأمن، ومع ذلك، فإن الإطار ينطبق فقط على مجلس الشورى والمجالس البلدية، التي تعمل إلى حد كبير كهيئات استشارية، وتقوم وزارة الداخلية بإدارة الانتخابات ولا تتولى ذلك لجنة مستقلة.

-يحتكر السلطان السلطة السياسية، ويستبعد هيكل النظام المعمول به إمكانية التغيير في الحكومة من خلال الانتخابات. إن الطبيعة الحيادية المحدودة للانتخابات العُمانية، وهيمنة السلطان الساحقة على المجتمع العماني، وقمع السلطات للمعارضة عوامل لا تترك للناخبين والمرشحين الاستقلال الذاتي في خياراتهم السياسية.

– لا يتمتع المقيمون، الذين يشكلون حوالي 44 في المائة من السكان، بحقوق سياسية أو فرص انتخابية. بشكل عام تنتقل الجنسية من الآباء العمانيين لأبنائهم فقط، في حين لا يمكن أن تنتقل بواسطة الأمهات. يجب أن يعيش الأجانب المقيمون بشكل قانوني في البلاد مدة 20 عامًا للتأهل للحصول على الجنسية، أو 15 و10 سنوات للأزواج الأجانب وزوجات المواطنين العمانيين، على التوالي، إذا كان لديهم ابن. هذه الشروط وغيرها تجعل التجنس نادرًا نسبيّاً.

– من الناحية القانونية يمكن المرأة العمانية أن تصوت وترشح لتولي عضوية مجلس الشورى، لكن فرصها العملية في التنظيم بشكل مستقل وتعزيز مصالحها في النظام السياسي قليلة، وقد انتخبت سيدتان لعضوية مجلس الشورى عام 2019 بعد أن كانت هناك عضوة واحدة فقط عام 2015، وعُيِّنت سبع سيدات بمقاعد في المجالس البلدية في عام 2016 مقابل أربع في عام 2012، وتوجد خمس عشرة سيدة في مجلس الدولة المعين.

ثانياًـ التعددية السياسية والمشاركة

– الأحزاب السياسية غير مسموح بها والسلطات لا تتسامح مع أي شكل من أشكال المعارضة السياسية المنظمة. ينص قانون صدر عام 2014 على إسقاط الجنسية عن العمانيين الذين ينضمون إلى المنظمات التي تعتبر ضد “المصلحة الوطنية”.

ثالثاً- وظائف الحكومة

– يهيمن السلطان ودائرة داخلية من المستشارين وكبار الوزراء غير المرشحين على سياسة الحكومة.

– لا يوفر النظام القانوني العماني إطارًا فعالًا لمنع الفساد وكشفه ومقاضاته بحيادية.

– لا ينص القانون على ضمان حرية المعلومات. الانفتاح والشفافية محدودان في الممارسة العملية بتركيز القوة والسلطة في دائرة صغيرة تحيط بالسلطان. يراقب جهاز الرقابة المالية الإنفاق الوزاري وتضارب المصالح والشركات المملوكة للدولة، لكن نتائجه لا تنشر للجمهور، ولا تغطي البلاط السلطاني والجيش.

رابعاًـ حرية التعبير والمعتقد

– حرية التعبير محدودة وانتقاد السلطان مجرم. توجد وسائل إعلامية خاصة بالإضافة إلى تلك التي تديرها الدولة، لكنها تقبل عادةً الإعانات الحكومية، وتمارس الرقابة الذاتية، وتواجه العقوبة إذا تجاوزت الخطوط الحمراء السياسية. تتمتع الحكومة بسلطة واسعة لإغلاق القنوات الإعلامية، وحجب المواقع الإلكترونية، وإلغاء التراخيص، ومحاكمة الصحفيين على انتهاكات المحتوى، وقد استخدمت هذه السلطة في مناسبات متعددة في السنوات الأخيرة.

-تمتد جهود الحكومة لقمع الأخبار والتعليقات النقدية إلى النشاط عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. في يونيو/حزيران 2020، حكمت المحكمة الابتدائية في مسقط على المذيع عادل القصبي، وسالم العوفي، عضو مجلس الشورى السابق، بالسجن مدة عام بتهمة “استخدام تكنولوجيا المعلومات لنشر الإضرار بالنظام العام” على إثر نشاطهما على تطبيق تويتر.

– الإسلام دين الدولة الرسمي. غير المسلمين لهم الحق في العبادة، لكنهم ممنوعون من التبشير، كما تُطالَب المنظمات الدينية بالتسجيل لدى الحكومة. وتقوم وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بتوزيع نصوص موحدة لخطب المساجد، لضمان بقاء الأئمة ضمن الرؤية الحكومية المحددة.

– تقيد الحكومة الحرية الأكاديمية من خلال منع نشر المواد المتعلقة بالمواضيع الحساسة سياسياً وفرض ضوابط على الاتصالات بين الجامعات العمانية والمؤسسات الأجنبية.

– السلطات تراقب الاتصالات الشخصية. وقد أدى العدد المتزايد من الاعتقالات والاستجوابات والسجن المتعلقة بانتقاد الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى زيادة الرقابة الذاتية بين المواطنين العاديين في السنوات الأخيرة، كما رفع قانون العقوبات الجديد الصادر عن الحكومة في 2018 الحد الأقصى للعقوبات على قذف السلطان والتجديف إلى السجن 7 و10 سنوات عوضاً عن ثلاث سنوات لكليهما بموجب القانون القديم.

-في يونيو 2020، حكمت محكمة عبري الابتدائية على عوض الصوافي بالسجن مدة عام مع وقف التنفيذ ومنعه من النشر على مناصّ التواصل الاجتماعي مدة عام بعد اعتقاله واتهامه بـ”التحريض” و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي” إثر نشر الصوافي على تطبيق تويتر تعليقاً انتقد فيه جهات حكومية هددت المواطنين، وفي يوليو/تموز 2020، اعتقل جهاز الأمن الداخلي في محافظة ظفار غازي العولقي بعد نشره على فيسبوك عن “جيوش افتراضية” للحكومات العربية على منصات التواصل الاجتماعي، واحتُجز العولقي دون تهمة أو مقابلة محام مدة سبعة أسابيع قبل الإفراج عنه في سبتمبر/أيلول.

خامساً- الحقوق النقابية والتنظيمية

– ينص القانون الأساسي للدولة على حق محدود في التجمع السلمي، ومع ذلك، تتطلب جميع التجمعات العامة إذنًا رسميا. وللحكومة سلطة منع الاجتماعات العامة المنظمة دون أي إجراءات استئناف. ينص قانون العقوبات الصادر عام 2018 على أحكام بالسجن والغرامة للأفراد الذين يبدؤون أو يشاركون في تجمع يضم أكثر من 10 أشخاص يهدد الأمن أو النظام العام، أو الذين لا يمتثلون لأمر رسمي بالتفرق.

– بنفس الطريقة يسمح القانون الأساسي للدولة بتشكيل منظمات غير حكومية، لكن الحياة المدنية لا تزال محدودة في الممارسة، حيث لم تسمح الحكومة بإنشاء منظمات حقوقية مستقلة وتستخدم عمومًا عملية التسجيل والترخيص لمنع تشكيل الجماعات التي تعتبرها تهديدًا للاستقرار، في حين يستمر النشطاء الأفراد الذين يركزون في قضايا مثل حقوق العمال وحرية الإنترنت في المخاطرة التي قد تعرضهم للاعتقال. ويتضمن قانون العقوبات المعدل عام 2018 فقرات غامضة تسمح بفرض عقوبات بالسجن على الأفراد الذين ينشئون أو يديرون أو يمولون منظمة تهدف إلى تحدي “الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية”، أو المبادئ الأمنية للدولة “أو تعزيز الصراع الطبقي.

سادساً- سيادة القانون

– القضاء ليس مستقلا ويبقى خاضعا للسلطان المخول بتعيين كبار القضاة وعزلهم. يرأس السلطان أيضًا مجلس القضاء الأعلى، الذي يرشح القضاة ويشرف على النظام القضائي.

– يُحظر الاعتقال التعسفي رسميّاً ، لكن يمكن احتجاز المشتبه بهم في قضايا أمنية ضبابية لمدة تصل إلى 30 يومًا قبل توجيه اتهام إليهم، ولا تلتزم قوات الأمن دائمًا بالقواعد الأخرى المتعلقة بالاعتقال والاحتجاز السابق للمحاكمة، وقد يواجه المدعى عليهم في القضايا الحساسة سياسياً معاملة أشد قسوة من جانب نظام العدالة. على سبيل المثال، قبل محاكمته في عام 2017، كان منصور بن ناصر المحرزي، وهو كاتب وباحث، قد احتجز شهرين على الأقل بمعزل عن العالم الخارجي قبل محاكمته ورفض القاضي سماع شهود الدفاع وحُكم عليه في النهاية بالسجن ثلاث سنوات لارتكاب جرائم من بينها “إهانة السلطان”.

سابعاً- الاستقلالية الشخصية والحقوق الفردية

– يتمتع معظم المواطنين العمانيين بحرية التنقل، لكن غالبًا ما يُفرض حظر السفر على المعارضين السياسيين، ولا يمكن للعمال الأجانب مغادرة البلاد دون إذن من صاحب العمل ويتعرضون لخطر الترحيل إذا غيروا أصحاب العمل دون وثائق تعفيهم من عقدهم السابق. خلال عام 2020، منعت الحكومة بشكل دوري السفر داخليّاً في البلاد، وبدأت في إغلاق بعض الجهات، وفرضت حظر التجول لمنع انتشار فايروس كوفيد-١٩. نُفِّذت هذه الإجراءات تماشيا مع ارتفاع حالات الإصابة.

– يحتاج المواطنون العمانيون إلى إذن من وزارة الداخلية للزواج من غير المواطنين ومن دول خارج مجلس التعاون الخليجي، ولا يمكن لأزواج أو أبناء العمانيات الحصول على الجنسية، كما لا يتناول القانون العماني على وجه التحديد العنف الأسري والتحرش الجنسي ولا يجرم الاغتصاب الزوجي، في حين إنه يُجرّم الجنس خارج نطاق الزواج. في بعض الأحيان، قُوضِيت النساء اللاتي أبلغن عن اغتصاب بسبب ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج، إذ لم تصدق السلطات أنهن تعرضن للاعتداء. النساء في وضع مجحف بموجب القوانين التي تحكم مسائل مثل الطلاق وحضانة الأطفال، كما يتضمن قانون العقوبات المعدل عام 2018 حكما جديدا يجرم ارتداء الرجال ملابس النساء.

– تضع سياسات العمل في عمان العمال المهاجرين في وضع مجحف جداً وتشجع بشكل فعال على الاستغلال. أما عاملات المنازل، اللاتي لا يشملهن قانون العمل، فإنهن معرضات بشكل خاص لسوء المعاملة من قبل أصحاب العمل. كما اتبعت الحكومة عملية “التعمين” لاستبدال العمال الأجانب بعمانيين محليين. من بين التكتيكات الأخرى، تم إصدار أو تمديد حظر التأشيرات المؤقت للعمال الأجانب في مختلف المهن منذ عام 2013.

-على الرغم من قانون مكافحة الاتجار بالبشر لعام 2008 وبعض الجهود المبذولة مؤخراً لتكثيف الإنفاذ، فإن السلطات لا تحدد بشكل استباقي ضحايا الاتجار بالبشر ولا تحميهم. يشير تقرير الاتجار بالبشر لعام 2020 الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية إلى أنه على الرغم من أن الحكومة تحقق في قضايا الاتجار، لا يوجد إلا عدد قليل من القضايا والإدانات؛ سبع قضايا اتجار بالجنس في عام 2019، على الرغم من أن ثلاثًا منها كانت معلقة في نظام المحاكم من السنوات السابقة، وتقصر الإقامة في الملاجئ على ضحايا الحالات التي يجري التحقيق فيها بشكل نشط فقط.


[1] مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان | سيادة القانون – الديمقراطية وحقوق الإنسان (ohchr.org)

[2] Oman: Freedom in the World 2021 Country Report | Freedom House

قد يعجبك ايضا