حق العمال المهاجرين في الصحة والسلامة

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن نصف عدد العمال العاملين في القطاع غير النظامي في عدة دول لا يتمتع بالحماية الاجتماعية اللازمة للحصول على الرعاية الصحية، كما يفتقر كثير من الدول إلى وجود آليات تُنظِّم تطبيق مقاييس الصحة والسلامة المهنية.[1]

إضافة إلى ذلك فإن أغلب خدمات الاستشارة المتعلقة بالصحة المهنية وتحسين ظروف العمل ومراقبة صحة العمّال لا تتوفر إلا لشركات القطاع النظامي الكبيرة، في حين لا يتمتع أكثر من 85% من عمّال المنشآت الصغيرة والقطاع غير النظامي بأي تغطية صحية مهنية.[2]

الكارثة الصحية المحيطة بعدد كبير من العمال تتمثل في أن أخطار مهنية معيّنة، كالإصابات والضوضاء والمواد المسرطنة والدخان وبيئة العمل غير الآمنة، مسؤولة عن التسبب بالكثير من الأمراض المزمنة؛ 8% من جميع حالات الاكتئاب، و37% من حالات آلام الظهر، و11% من حالات الربو، و8% من الإصابات، و9% من سرطانات الرئة، و13% من حالات داء الانسداد الرئوي المزمن و2% من سرطانات الرئة، و16% من حالات فقدان السمع. ويموت سنوياً 12.2 مليون شخص، في البلدان النامية غالبا، بأمراض غير معدية وهم في حالة عمل نشط.[3]

قامت الأمم المتحدة بإعلان الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم في 18 كانون الأول/ ديمسبر 1990. إن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية تلتزم بالمبادئ المنصوص عليها في الصكوك الأساسية للأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان، ويشمل ذلك القضاء على جميع مظاهر التمييز العنصري، والتمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل.[4]

وجدت هذه الاتفاقية اعترافاً، وقد أكدت أن حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لم يعترف بها كما ينبغي في كثير من الدول، وأنها تتطلب لذلك حماية دولية مناسبة. جدير بالذكر أن الهجرة غالبا ما تسبب مشكلات خطيرة لأفراد أسر العمال المهاجرين وكذلك للعمال أنفسهم، وذلك إلى حد كبير بسبب تشتت الأسرة ووضعهم في حالة من الضعف في دول العمل والمهجر[5].

لذا فقد سنت هذه الاتفاقية عدداً من المواد التي تنظم حقوق العمال والمهاجرين وتضمنها، مثل المادة 9:
“يحمي القانون حق الحياة للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم.” المادة 16: “أولاً للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم الحق في الحرية والسلامة الشخصية، وثانياً يحق للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم الحصول من الدولة على الحماية الفعالة من التعرض للعنف والإصابة البدنية والتهديدات والتخويف، سواء على يد الموظفين العموميين أو على يد الأشخاص العاديين أو الجماعات أو المؤسسات.”[6]

عمان لم توقع الاتفاقية حيث ما زال العمال والمهاجرون فيها يواجهون كثيراً من الصعوبات ويفتقرون إلى كثير من الحقوق الأساسية[7]. على سبيل المثال، في حادثة وقعت في ٢٧ من مارس ٢٠٢٢، فارق ١٤ شخصاً الحياة أثناء العمل، وذلك بسبب انهيار صخري في بيئة العمل في ولاية عبري، وخمسة آخرون تعرضوا لإصابات[8]. علي الفارسي، الضابط بهيئة الدفاع المدني والإسعاف، قال في أحد تصريحاته لصحيفة الشبيبة المحلية، إن المتوفين الستة جميعهم عمال وافدون. وأضاف أنه: “تم التعامل سابقا مع بلاغات انهيارات ولكن انهياراً بهذا الحجم لم نره في الـ 10 سنوات الأخيرة”.[9]

إن التصريح الأخير يشير إلى الوضع الحرج للعمال في عمان ومدى افتقارهم إلى الحماية الصحية في بيئة العمل والحماية من الاستغلال. إضافة إلى مواد الاتفاقية المذكورة سلفاً فإن عمان تخالف عدداً آخر من مواد الاتفاقية، مثل: المادة 8 التي تضمن حرية التنقل والسفر للعمال المهاجرين[10]، حيث لا يمكن للعمال الأجانب مغادرة البلاد دون إذن من صاحب العمل، فضلاً عن أنهم يتعرضون لخطر الترحيل إذا غيروا أصحاب العمل دون وثائق تعفيهم من عقدهم السابق[11].  كذلك فإن عمان تخالف المادة 15 التي تنص على عدم حرمان أي عامل مهاجر من ممتلكاته، إلا أن عاملات منازل أبلغن عن حرمانهن من جوازات سفرهن وحرمانهن من السفر ومغادرة البلاد أو المنزل، أي بيئة العمل. كما أبلغت عاملات منازل بتعرضهن للعنف الجسدي واللفظي والجنسي وإجبارهن على العمل ساعات طويلة.[12]

            يطالب المركز العماني لحقوق الإنسان الحكومة العمانية بالعمل الجاد على ضمان حقوق العمال المهاجرين وإلغاء نظام الكفالة الذي يضعهم في حالة ضعف ويحرمهم من الكثير من حقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في حرية التنقل والحق في السلامة من المعاملة القاسية والمهينة. إن المركز يؤكد أيضاً ضرورة وضع قوانين ومعايير لضمان سلامة بيئة العمل ومراقبة التزام المؤسسات الحكومية والخاصة بها.


[1] حماية صحة العمّال (who.int)

[2] Ibid

[3] Ibid

[4] الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم158/ اعتمدت بقرار الجمعية العامة 45المؤرخ في 18 كانون الأول / ديمسبر 1990 | OHCHR

[5] Ibid

[6] Ibid

[7] – OHCHR Dashboard

[8] Condolences pour in for deceased workers in Ibri rock collapse – Times of Oman

[9] سلطنة عمان.. ارتفاع عدد قتلى “الانهيار الصخري” إلى 14 شخصا (aa.com.tr)

[10] الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم158/ اعتمدت بقرار الجمعية العامة 45المؤرخ في 18 كانون الأول / ديمسبر 1990 | OHCHR

[11] Oman: Freedom in the World 2021 Country Report | Freedom House

[12] 16 يونيو: اليوم العالمي لعاملات المنازل – المركز العماني لحقوق الإنسان (ochroman.org)

قد يعجبك ايضا