
في 1993، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعلان القضاء على العنف ضد المرأة، وعرفت هذا العنف بأنه:
“أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.”[1]
في عمان، تتعرض الفتيات والنساء للعنف الأسري لأسباب عديدة، كالتأديب أو الاعتراض على خيارات العائلة فيما يتعلق بالزواج والدراسة أو العمل. يجدر القول بأن قانون الجزاء العماني يتيح لولي الأمر ممارسة العنف الأسري بذريعة التأديب وفقاً للمادة ٤٤، كما تتعرض العاملات المنزليات للعنف والتحرش وفقاً لعدد من البلاغات والشكاوى التي وصلت المركز مدعمة بإثباتات مثل الصور والفيديوهات.
في عام ٢٠١٨، قامت وزارة التنمية الاجتماعية بنشر دراسة وضحت أن ٧٤٪ من ضحايا العنف الأسري لم يتسن لهن الإبلاغ أو اللجوء إلى الجهات الحكومية، في حين تمكنت ٢٥٪ فقط من الضحايا من رفع قضية على الجاني، وبنسبة أقل ١٢٪ لجأن إلى الشرطة. كذلك أشارت الدراسة إلى أن ما نسبته ٣٦٪ من قضايا العنف الأسري يحدث بعد الزواج.
الجدير بالذكر أن العنف الأسري غالباً ما يرتكبه الزوج في المرتبة الأولى ثم يليه الأخ، وذلك وفقاً للمشاركين في هذه الدراسة التي اشتملت الدراسة على عدة أنواع من العنف مثل: ١٥٪ الضرب و١٣٪ الإهانة و١٠٪ الشتم و٥٪ الإكراه على الزواج والحبس في المنزل. كما أشارت الدراسة إلى أن الآثار الجانبية للعنف الأسري اشتملت على ١٦٪ الاكتئاب والقلق و١١٪ العزلة و١٠٪ كراهية الرجال.[2]
على الرغم من شيوع مشكلة العنف الأسري في عمان، لا تزال المؤسسات الحكومية لا تقدم مساعدة أو دعماً حقيقياً لضحايا العنف الأسري، وهو ما من شأنه أن يترك الكثير من النساء في منازل سامة مع شريك معنف دون القدرة على الخروج أو طلب المساعدة.
كيف تميز العنف الأسري؟
يمكن أن يتخذ العنف الأسري، ويسمى أيضًا عنف الشريك الحميم، أشكالًا عديدة، بما في ذلك العنف العاطفي والمالي والجنسي والجسدي أو التهديد بالاعتداء. تنطوي العلاقات السامة دائمًا على وجود عدم توازن في القوة والسيطرة حيث يستخدم المعتدي كلمات وسلوكيات عنيفة وجارحة للسيطرة على شريكته. وبينما قد لا يكون من السهل معرفة العنف المنزلي في البداية، فإن بعض العلاقات يبدو العنف فيها جلياً على نحو مبكر. إن الإساءة غالبًا ما تبدأ بشكل خفي وعاطفي ثم تهاجم صحة الضحية النفسية وثقتها بنفسها وتزداد سوءًا بمرور الوقت.
وفقاً لمنظمة الخط الساخن للعنف الأسري، قد تكونين منخرطة في علاقة سامة إذا كان الشريك:[3]
• يناديك بألقاب مهينة أو يحبطك.
• يمنعك أو يثبط عزيمتك عن الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو مقابلة أفراد العائلة أو الأصدقاء.
• يحاول التحكم في كيفية إنفاقك للمال، وأين تذهبين، وما الأدوية التي تتناولينها أو ما ترتدينه.
• يبالغ في الغيرة أو التملك أو يتهمك باستمرار بعدم الإخلاص.
• يسيء إليك وهو تحت تأثير الكحول أو المخدرات.
• يحاول التحكم في خياراتك الصحية والقرارات المتعلقة بجسمك.
• يهددك بالعنف أو بسلاح.
• الضرب، والركل، والدفع، والصفع، والخنق، سواء أعليك كان الاعتداء أم على أطفالك أم على حيواناتك الأليفة.
• يجبرك على ممارسة الجنس أو الانخراط في أفعال جنسية ضد إرادتك.
• يلومك على سلوكه العنيف أو يخبرك بأنك تستحقينه.
• يهددك بإخبار الأصدقاء أو العائلة أو الزملاء أو أفراد المجتمع بتوجهك الجنسي أو هويتك الجنسية.
الحمل والأطفال والعنف الأسري:
في بعض الأحيان يبدأ العنف الأسري أو يزداد أثناء الحمل، وهو ما يعرض صحتك وصحة الطفل للخطر، كما يستمر الخطر بعد ولادة الطفل. حتى لو لم يتعرض طفلك لسوء المعاملة، فإن مجرد مشاهدة العنف المنزلي يمكن أن يكون ضارًّا له؛ الأطفال الذين ينشؤون في منازل مسيئة يصبحون عرضة للإساءة وللمعاناة من مشكلات سلوكية أكثر من الأطفال الآخرين. كبالغين، من المرجح أن يصبح هؤلاء الأطفال مسيئين أو يعتقدون أن الإساءة جزءاً طبيعياً من العلاقات.
يطالب المركز العماني لحقوق الإنسان الحكومة العمانية بتوفير خط ساخن للعنف الأسري على أن يكون حرًّا، مؤتمناً، ويعمل على مدار الساعة طوال أيام السنة، ويعمل على توفير الأدوات الأساسية والدعم لمساعدة الناجيات من العنف الأسري، وذلك من خلال عدة جوانب ضرورية:
- يجب أن يوصل الخط الساخن الضحايا بمستشارين نفسيين وقانونيين وغيرهم من الخبراء لتقديم الدعم النفسي وتوفير المعلومات الأساسية.
- يجب أن توفر الخطوط الساخنة أيضًا طريقة لإدخال المتصلين إلى ملاجئ ومراكز أزمات متوفرة على مدار الساعة إضافة إلى المؤسسات الأخرى مثل الشرطة والمحامين إذا لزم الأمر، للمساعدة على الحصول على أمر تقييدي يفرض على المعتدي قانونياً الابتعاد عن الضحية أو مواجهة الاعتقال.
- يجب أن يشمل الخط الساخن مستشارين يتحدثون العربية واللغات الأكثر شيوعاً في عمان، وأن يوفر مترجمين فوريين إذا لزم الأمر، بالإضافة إلى خط خاص للمتصلين الصم يستخدم خاصية (Teletypewriter).
- الخطوط الساخنة يجب أن تلتزم دائما بإخفاء هوية المتصل، وألا يُطلب من المتصل تسمية نفسه أو المعتدي أو الشخص الذي قام بالاتصال بالنيابة عنه.
- يجب أن يكون مستشار الخط الساخن قادراً على مساعدة المتصل على وضع خطة هروب آمنة، وإذا كان المتصل أو المتصلة في وضع لا تكون الطريقة الأكثر أمانًا فيه هي الخروج من المنزل، فيجب أن يكون المستشار على دراية بالتوجيه إلى التصرف الأمثل وأن يجيب عن كل أسئلة المتصل على نحو يحميه من أي خطر محتمل.
- يجب أن يساعد الخط الساخن المتصلات على معرفة كيفية تلقيهن الدعم المالي لهن ولأطفالهن عند الحاجة لذلك حيث تواجه بعض النساء صعوبات مالية مما يصعب ترك الشريك المسيء.
[1] https://www.un.org/en/observances/ending-violence-against-women-day
[2] دراسة تستعرض واقع العنف ضد المرأة في المجتمع وتبحث حلول الحد منها – جريدة الوطن (alwatan.com)
[3] Domestic Abuse Warning Signs | The National Domestic Violence Hotline (thehotline.org)