
الحركة النسوية العمانية بين مطرقة الحكومة وسندان المجتمع!
في شهر ديسمبر عام 2020 فُجع الشارع العماني بخبر انتحار فتاة عمانية شابة في مقتبل العمل، اسمها زوينة الهنائي. الخبر أصبح “ترند” بعد تفاعل عدد كبير من المغردين على تويتر بين المتعاطف والمستنكر. وما جعل التفاعل أكثر حدة، هو الرسالة التي تركتها الراحلة زوينة، والتي كانت قد شرحت فيها أسباب انتحارها مشيرة إلى يأسها من الحياة!
انتحار زوينة أثار العديد من التساؤلات حول العنف الأسري الذي تمارسه العديد من العائلات على بناتها في عمان، وذلك بسبب غياب القانون الذي يحمي الفتيات من عنف أولياء أمورهن الواقع عليهن، وامتناع الجهات المختصة مثل وزارة التنمية الاجتماعية عن توفير خط ساخن لحماية ضحايا هذا العنف أو إنقاذهن. استنادا إلى أدلة ومستندات تلقاها المركز وتثبَّت منها فإن السبب الرئيسي لانتحار زوينة هو العنف الذي عرضتها له أسرتها، وليس حالة الاكتئاب التي أصابتها بسبب اطلاعها على كتب نوال السعداوي أو مشاركتها بعض زميلاتها في أفكار الحركات النسوية، كما حاول الكثير ترويجه.
قانون الجزاء العماني في مادته الـ44 يتيح لولي الأمر ممارسة العنف ضد أبنائه إذا كان ذلك بحسن نية حسبما نصَّ القانون:
“لا جريمة إذا وقع الفعل بحسن نيّة استعمالا لحق أو قياما بواجب مقررين بمقتضى القانون، ويعد استعمالا للحق:
أ – تأديب الآباء ومن في حكمهم للأولاد القُصّر في حدود ما هو مقرر شرعا أو قانونا”.
لكن هذا العنف يطول حتى الفتيات الراشدات أو اللواتي تجاوزن سنّ الـ18! وحسب بلاغات وشكاوى تلقاها المركز، فإن العديد من ضحايا العنف عادة ما يتوجهن بالشكوى إلى مراكز الشرطة أو الادعاء العام، ولكن عادة ما يتم رفض الشكاوى، ونصح الفتيات بعدم محاولة الدخول في إشكال قانوني مع أهلهن! كذلك فإن عدداً من الفتيات أعلمن المركز بأنهن قد قمن بالاتصال بوزارة التنمية الاجتماعية في محاولة لاستجداء الحماية، ولكن لم يجدن أي استجابة.
كما رصد المركز على وسائل التواصل الاجتماعي حالة من الهجوم المنظم والتشهير بأسماء الفتيات والنساء الفاعلات في الحراك النسوي، أو حقوق المرأة. هذا الهجوم المنظم تقدم صفوفه عدد من الأسماء البارزة في المجتمع العماني، من مثقفين وإعلاميين أو مسؤولين حاليين أو مسؤولين سابقين محسوبين على الحكومة. العديد من الفتيات وبسبب التنمر الإلكتروني والهجوم المباشر عليهن، فضّلن التراجع والاختفاء من المشهد العام، إما حفظا لسلامتهن وإما بسبب ضغوط من أسرهن.
كما يشير المركز إلى أن التقاعس الحكومي عن توفير الحقوق التي تطالب بها النسويات أو الناشطات في حقوق المرأة، أو توفير الحماية اللازمة للفتيات من العنف الأسري، يساهم بصورة مباشرة في حالات الاكتئاب واليأس التي تصيب الفتيات، وهو ما يدفعهن إلى التفكير جدّاً إما في ترك البلد وإما في إيذاء أنفسهن.
“لقد حاولت، لقد حاولت إيقاف الألم لكنني لم أستطع، إنه لا يطاق. إن كنتم مكاني، كنتم ستفهمون. والآن أنا بحاجة لإيقافه. أنا منهكة، وقد حان الوقت لأرتاح”.
مقطع من رسالة زوينة الأخيرة قبل انتحارها