
يحتفل العالم في الـ26 من يونيو الجاري باليوم الدولي للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب، وهو اليوم الذي أُقرَّت فيه إحدى الأدوات الرئيسية لمكافحة التعذيب في العالم، وهي اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة التي أصبحت سارية المفعول في عام 1987م، بعد أن صدقت عليها 162 دولة.[1]
حسب المادة الأولى من الفقرة الأولى للاتفاقية، فإن التعذيب هو:
“أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث – أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية.”[2]
تتصدر الدول ذات الأنظمة القمعية والاستبدادية مشهد التعذيب، والذي يتمثل عادة إما في التعذيب الجسدي وإما في التعذيب النفسي.
على الرغم من أن عمان صدقت على الاتفاقية في أبريل 2020، يثير تاريخها الطويل في ممارسة التعذيب ضد المواطنين وبخاصة الناشطين في مجالات عديدة مثل الحقوق المدنية أو السياسة، العديد من التساؤلات.
أحد هذه التساؤلات هو مدى جدية عمان في تطبيق بنود الاتفاقية، ومنع أي حالات تعذيب قد تحدث، بالإضافة إلى محاسبة مرتكبي حالات التعذيب السابقة.
كذلك، ما زالت السجون السرية في عمان تمارس التعذيب النفسي ضد معتقلي الرأي على سبيل المثال لا الحصر. حسب شهادات للمركز، فإن أنواع التعذيب النفسي المتبعة هي:
التعذيب الأبيض: وهو تعذيب يكون فيه المعتقل محاصرا باللون الأبيض، بدءاً من جدران وأبواب الغرفة التي يزج بالمعتقل فيها، إلى ملابس الاعتقال، وانتهاء بأي شي آخر حوله مثل الأدوات أو الفراش أو الطعام. التعذيب يساهم في إزالة المحفزات من الحواس الخمس![3]
التعذيب بالأصوات المتكررة أو الموسيقى الصاخبة:
برغم حظر المحكمة الأوربية مثل هذا النوع من التعذيب، ما زالت السجون السرية في عمان تستخدمه ضد الناشطين الحقوقيين والسياسيين خصوصاً. هذا النوع من التعذيب يتم فيه تشغيل الموسيقى الصاخبة بصورة مستمرة على مدار اليوم أو طوال فترة الاعتقال.
التعذيب بالحرمان من النوم:
في هذا التعذيب يُحقَّق مع المعتقل ساعات طويلة بنية حرمانه من النوم. حسب شهادات للمركز، يوضع المعتقل على سبيل المثال في غرفة التحقيق ساعات طويلة دون السماح له بالنوم ودون أن يكون هناك أي تحقيق فعلي، أو أن يُقاد المعتقل في ساعات النوم للتحقيق معه حتى ساعات الفجر! جدير بالذكر أن الأجهزة الأمنية العمانية كانت قد اتبعت هذا الأسلوب في تعذيب الناشط الحقوقي الراحل حسن البشام، حيث قُيِّد على مقعد التحقيق عدة أيام متواصلة، وبعد ذلك زج به في زنزانة انفرادية بلا فراش وتفتقر إلى المعايير الصحية، الأمر الذي نجم عنه إصابة البشام بجلطة استمرت على إثرها صحته في التدهور إلى أن صودرت حريته في التعبير وحكم عليه في ٢٠١٧ بالسجن ثلاث سنوات، إلا أنه بعد بدء تنفيذ حكم سجنه في سجن سمائل المركزي بعدة أشهر فارق الحياة بسبب حالته الصحية والتعذيب النفسي الذي كان يمارس ضده.
التعذيب بالإضاءة القوية:
عادة يوضع المعتقل في غرفة صغيرة لا يتجاوز طولها وعرضها مترين! وتكون الإضاءة مثبتة على سقف الغرفة ومضيئة 24 ساعة وبقوّة.
تعذيب الغرف الباردة/الساخنة:
وضع درجة التكييف في أقصى برودة، مع عدم توفير الأغطية اللازمة للمعتقل التي قد تساعده على الاستعانة بها للدفء، أو إغلاق التكييف لترتفع درجة الحرارة داخل الغرفة!
برغم توقيع عمان الاتفاقية، ما زالت تنكر ممارسة هذه الوسائل من التعذيب حتى الآن.
الذين تورطوا في أعوام سابقة في قضايا تعذيب جسدي أو نفسي، لم يُحاسبوا إلى الآن، وبعضهم حصل على ترقيات من الحكومة!
وأنت، في اعتقادك، كيف يمكن وقف التعذيب في السجون السرية في عمان؟ وكيف يمكن محاسبة المتورطين؟
[1] https://www.un.org/ar/observances/torture-victims-day
[2] https://www.un.org/ar/observances/torture-victims-day
[3] https://arabicpost.net/%d9%84%d8%a7%d9%8a%d9%81-%d8%b3%d8%aa%d8%a7%d9%8a%d9%84/2019/05/19/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%b0%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%81%d8%b3%d9%8a-%d8%a3%d8%b4%d9%87%d8%b1-%d9%88%d8%b3%d8%a7%d8%a6%d9%84%d9%87/