
هل أنت غير راضٍ عن أداء حكومتك وتودُّ معرفة آلية وكيفية صنع القرار؟
هل أنت في حيرة من أمر بعض القوانين أو القضايا وتودُّ معرفة كيف تحدث وكيف حدثت في أوقات سابقة؟
هل تعتقد أن هناك سرية في التعامل مع بعض القرارات والأحداث، سواء فيما يتعلق بالسياسة الداخلية لبلدك أو الخارجية، وتودُّ أن تطلع على ما يحدث؟
هل تبحث عن الشفافية التي تتيح لك مراقبة أداء حكومتك ومعرفة التفاصيل التي عادة ما تُغيَّب؟
إذاً، فأنت تحتاج إلى ما يسمى بـــ”الحق في الحصول على المعلومة”.
هل تعلم أن المعلومات الخاصة بعمل الحكومة وإداراتها، مصاريف المؤسسات الرسمية والمسؤولين، قضايا الفساد، آلية عمل الأجهزة الأمنية فيما يتصل بالوضع الداخلي والخارجي، وغير ذلك، هي معلومات من حقّ المواطن وليس الحكومة وحدها؟ وأن حجبها دون إعلان أسباب استثنائية يعتبر انتهاكاً لحق المواطن في الحصول على المعلومة وقد يكون مؤشراً ليس فقط على سوء إدارة الحكومة بل وعلى الفساد وسلسلة من الجرائم المرتكبة في الخفاء والعلن؟
إحدى ثمار الديمقراطية الحقة ليس فقط مراقبة أداء الحكومة ومحاسبتها، ولكن كذلك الحق في الاطلاع على معلومات قد تساعدك على فهم كيفية إدارة بلدك، وهو ما يؤدي إلى مشاركة فعالة وحقيقية في صنع القرار.
الحق في الحصول على المعلومة والوصول إليها هو حقك في معرفة الكثير كمواطن، وهو آلية مفيدة تساعد على تطوير الأداء الحكومي وزيادة جودة العمل، وذلك لأن المواطن في هذه الحالة يعرف ما تقوم به الحكومة فعلاً ويستطيع مساءلتها إذا ما شاب أداءها لبس على أصعدة شتى، مثل الإنفاق العام والميزانية والمشاريع الوطنية والقضاء والأمن والقوانين.
تعتبر السويد أقدم دولة شرعت قانوناً يتيح حرية الوصول إلى المعلومة في القرن الثامن عشر الميلادي[1].
قرارات الأمم المتحدة تعتبر الحق في الحصول على المعلومة حقاً أساسياً يدخل في نطاق حرية التعبير، وتعرفه بأنه: “الحق في الحصول على المعلومات التي تحتفظ بها الهيئات الحكومية[2]“.
العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (1966) كرس هذا الحق كنتيجة طبيعية لحق الإنسان الأساسي في حرية التعبير[3].
في عمان، هذا الحق غير موجود في القوانين المحلية، والحكومة تتحفظ على آلية إدارة البلد وحتى على تشريع القوانين وتعيين المسؤولين وتعتبر سلوكها هذا حقاً أصيلاً لا تحتاج معه إلى التوضيح أو التبرير للمواطن، بل إنها لا تتورع أبداً عن اتخاذ أي إجراءات عقابية بحق كل من يتجرأ على مساءلتها أو انتقاد أدائها وتكتُّمها على المعلومات.
أحد أهم العوائق التي تمنع وجود قوانين متحضِّرة ومتمدِّنة وديمقراطية وتحترم حقوق المواطنين هو أنّ السلطان يتحكم بالكثير من المناصب ومنها رئاسة مجلس الوزراء، وهو ما يمنع معرفة ما يجري من تفاصيل سواء قبل اتخاذ القرارات أو بعدها. وإن حدث أن انتقد مواطن سوء الأداء والفشل في تسيير أمور البلاد فإن الانتقاد يعتبر في المقام الأول موجهاً نحو السلطان وجهاز الأمن الداخلي الذي نكَّل مراراً بالنشطاء الذين ضاقوا ذرعاً بقمع المواطن في حقه في الحصول على المعلومة واستندوا إلى حقائق وأدلة لا تقبل الشك على سوء التخطيط والأداء واستنزاف ميزانية الدولة وتكميم الأفواه.
في الاجتماع الدوري الاستعراضي الشامل السابق لعمان (2015)، انتقدت كل من تشيلي وأوكرانيا عمان على غياب الحق في الحصول على المعلومة.
بالرغم من أن عمان قبلت توصية الحق في الحصول على المعلومة، ادعت أنّ:
“الحصول على المعلومات حق مكفول في عمان، إلا ما اتصل بالأمن الوطني أو بحرمة الحياة الخاصة في عمان[4]“.
إذا كنت لا تعرف مقدار ما تأخذه الأسرة الحاكمة من أموال الدولة،
أو كنت لا تعرف شيئا عن آلية جهاز الأمن الداخلي (المخابرات)،
أو لا تعرف شيئا عن قضايا الرأي العام التي لا تعترف بها الحكومة رسميا،
إذا كنت لا تعرف شيئا عن قضايا الفساد ومن خلفها وكيف يُحاكم بعض الفاسدين فقط أو كيف يعاقبون من أجل ذر الرماد في العيون وتضليل الرأي العام وتلميع صورة الدولة وجهاز الأمن الداخلي وحماية المجرمين الكبار الذين يتبوأ أغلبهم مناصب عليا في الدولة…
أو باختصار، إذا كنت لا تعرف شيئا عن القوانين أو الإجراءات التي تعتقد أنها ستساعدك بصورة أساسية على فهم كيفية عمل حكومة بلدك؛
فإن حقك في الحصول على المعلومة منتهك بشكل صارخ!
كلما ازداد عمل الحكومات وقراراتها وكلما كانت طريقة
صنع القرار سرية، أصبحت الشعوب أكثر عرضة للخداع والتلاعب بثرواتها وقراراتها
وانتهاك حقوقها المشروعة!
[1] https://www.article19.org/resources/international-standards-right-information/.
[2] http://www.unesco.org/new/en/communication-and-information/freedom-of-expression/freedom-of-information/about/
[3] Ibid.
[4] https://documents-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G16/046/03/PDF/G1604603.pdf?OpenElement, 129-91.