
بمناسبة اعتماد الهيئة العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، يحتفل العالم بهذا اليوم باعتباره يوم حقوق الإنسان.
الوثيقة اعتمدت الكثير من الحقوق وعدَّتها حقوقاً غير قابلة للتصرف ويحق لكل شخص التمتع بها “بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو اللغة أو الرأي السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر.[1] “
أوضحت الأمم المتحدة أن حقوق الإنسان أمر أساسي وأنها “في صميم أهداف التنمية المستدامة، حيث إنه في غياب الكرامة الإنسانية لا يمكننا الدفع قدما في مجال التنمية المستدامة[2]“.
بهذه المناسبة العظيمة، يُسلّط المركز الضوء على عدد من القضايا التي تشكل تحديا لحقوق الإنسان في عمان.
1 – حرية
النشر والعمل الإعلامي المستقل:
– حرية النشر تُواجه أزمة حقيقية بعد
إغلاق صحف ومجلات، سحب أو منع كتب، سحب رخصة صحافة دولية، اعتقال كتاب وصحفيين
ومغردين بسبب آرائهم. هذه الممارسات
القمعية أدت إلى إشاعة جو من الترهيب وسط الكتاب والإعلاميين وناشطي حقوق الإنسان
وأفضت إلى إيقاف أي نشاط أو عمل مستقل عن الحكومة. إضافة إلى ذلك فقد سعت الدولة
في بعض الأحيان إلى إغراء عدد من الناشطين والإعلاميين وتحويلهم إلى موظفين رسميين
يعملون بشكل أو بآخر كناطقين باسم الدولة ومبررين لأعمالها القمعية. في الوقت نفسه
نشأ عن هذا تأسيس قنوات إذاعية وصحفية وإعلامية إلكترونية وغير إلكترونية تبدو في
الظاهر أنها مستقلة عن الحكومة وتدافع عن حرية التعبير وحقوق الإنسان، في حين إنها
مجرد جهات أمنية تخضع لإشراف عناصر أمنية وتهدف إلى السيطرة المطلقة على نشر
المعلومات وفضح انتهاكات حقوق الإنسان.
– كذلك فإن قانون المطبوعات والنشر،
والمادة 135 من قانون الجزاء العماني، يجعلان من أي عمل صحفي حر ومستقل وغير تابع
للدولة أو لشخصيات موالية للدولة، مغامرة غير محمودة العواقب.
– قانون المطبوعات والنشر يشترط الحصول
على ترخيص رسمي لإصدار الصحف والمجلات والمنشورات، مع توفير رأس مال لا يقل عن 250
ألف ريال عُماني (650 ألف $) للمجلات، ونصف مليون ريال (1.2 مليون $) للصحف.
هذا الاشتراط غايته وضع العراقيل أمام أصحاب المواهب والطاقات
الصحفية والإعلامية، حيث إنه تعجيز وتثبيط، ويجعل من عملية النشر امتيازا لا يناله
إلى الأثرياء، وهؤلاء، وفقاً لمؤسسات النشر المعتمدة في عمان، موالون للحكومة
ويتلقون معونات مالية منها بمئات آلاف الريالات سنويا مقابل تحويل آلة الإعلام
والصحافة إلى مساهم مع الحكومة في قمع حرية التعبير وحقوق الإنسان. يشار إلى أن نشر
المطبوعات بمختلف أشكالها لا يضيق عليه الخناق مادياً بهذا الشكل في كثير من
الدول، ففي مصر مثلا لا يتطلب الحصول على ترخيص إصدار مطبوعة إلا دفع رسوم لا
تتعدى 250 جنيها مصريا.
2- حرية الدين والمعتقد
– حرية التدين/عدم التدين تواجه اختبارا
صعبا، خصوصاً بعد تعرض عدد من الكتّاب للاعتقال بسبب نشر آرائهم الإلحادية علنًا
وانتقاد بعض العادات في الإسلام.
– قانون الجزاء العماني الجديد أضاف صبغة
دينية إلى الكثير من بنوده وهو أمر يثير القلق حول الحريات الدينية والمذهبية
والفكرية في المستقبل.
– النشاط الإلحادي وغيره من النشاطات
المشابهة يُجرم عليهما الناشط بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات
حسب المادة 269 من قانون الجزاء المحدث.
– المجاهرة بعدم الصوم يعرض فاعلها للسجن
مدة لا تقل عن 10 أيام ولا تزيد على 3 أشهر حسب المادة 277 من نفس القانون.
–
3 – حقوق
العمال والعمالة الوافدة
حقوق العمّال تعيش حالة انتقادات واسعة، ولا سيَّما في القطاع الخاص، وذلك نظرًا لما يتعرض له عمّال الشركات الكبرى من الفصل التعسفي، ولتلكؤ الحكومة عن حماية حقوقهم بعدم صياغة القوانين اللازمة لذلك أو عدم إقرارها. وهناك مطالبات بضرورة إنشاء محاكم “عمالية” مختصة بالنظر في القضايا التي يعانيها عمّال القطاع الخاص في الشركات التي يعملون فيها، وضرورة إعادة صياغة بعض بنود قانون العمل في عمان.
عاملات المنازل لا يزلن يتعرضن للكثير من الأذى في عملهن الذي يتمثل في: قطع الراتب، الإيذاء الجسدي، التحرش الجنسي، نقل كفالة العاملة من كفيل إلى آخر دون رضاها وأحيانا دون علمها.
4 – حرية
الرأي والتعبير:
– حسب المادة 97 من قانون الجزاء المحدث،
فإن أي صاحب رأي معارض يُعتقل قد يواجه السجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على
7 سنوات!
– نقد رئيس
أي دولة أجنبية مُجرَّم في عمان حسب المادة 102، ويعاقب فاعله بالسجن مدة لا تقل
عن 3 أشهر ولا تزيد على 3 سنوات.
– التظاهر السلمي ممنوع في عمان ويعتبر
جريمة، ويعاقب كل من يشترك في احتجاج سلمي بالغرامة والسجن مدة تصل إلى سنة، حسب
المادة 121 من قانون الجزاء العماني التي تُشرِّع عملية الاعتقال.
– تكوين الأحزاب أو الجمعيات لممارسة
العمل السياسي أو الحقوقي مجرّم في عمان حسب المادة 116 من قانون الجزاء المحدث،
ومدة العقوبة تصل إلى عشر سنوات.
6- حرية
التوجهات الجنسية:
– المثلية تعتبر جريمة في عمان، ويُعتقل
كل من يمارس هذه الحرية علنا أو حتى في نطاق وسائل التواصل الاجتماعي.
– المادة 261 من قانون الجزاء المحدث
تسمح بسجن أي شخص مثلي مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 3 سنوات.
7- سحب
الجنسية أو فقدانها:
– خطر “سحب الجنسية” تكرر عبر
سحب وثائق السفر وغيرها من الوثائق الشخصية، الأمر الذي حدَّ من حركة الناشطين
المتضررين منه، وأدى إلى فقدانهم وظائفهم، كما حدث مع بعضهم. المرسوم السلطاني
38/2014 أعطى وزارة الداخلية السلطة المطلقة لبت قرارات سحب الجنسية وإسقاطها دون
إعطاء المحاكم الحق في التدخل. هذه ممارسة
تصيب حقوق الإنسان في مقتل بإجبارها الأشخاص على عدم معارضة الدولة اتقاء لعدم سحب
جنسيتهم العمانية، ناهيك عن أنها تلغي الدور الطبيعي للسلطة القضائية في حالات لا
تستوجب حقيقة سحب الجنسية.
–
8- الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي:
– الاعتقال التعسفي يعتبر إحدى أبرز سمات
ما يتعرض له الناشطون والمدونون والصحفيون، حيث ما زال العديد منهم يتعرض للاختطاف
من الأماكن العامة قسرا، ويتعرض للإخفاء في أماكن مجهولة فترة تتجاوز عدة أسابيع
أو أكثر من شهر في بعض الحالات.
– برغم أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
يمنع تصرفاً أو إجراء كهذا، حسب المادة 9 (1) منه، إلا أن السلطات الأمنية تعتقل
أي فرد تعسفيا فقط بسبب التعبير عن رأيه!
– عمان انضمت مؤخرا إلى الاتفاقية
الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، إلا أن موادَّ في قانون الجزاء
العماني أو السلطات الممنوحة لجهاز الأمن الداخلي في قانون جهاز الأمن الداخلي
الصادر في إبريل 2020، تمنع من التقيّد ببنود هذه الاتفاقية.
[1] United Nation, https://www.un.org/ar/observances/human-rights-day.
[2] Ibid.