
في عام 2008 أُنشئت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان بمرسوم سلطاني. تلقى عدد من الناشطين والمثقفين خبر إنشاء اللجنة بإيجابية، خصوصاً لأن “حقوق الإنسان” كمصطلح، غير معترف به في القانون العماني.
أوضحت اللجنة من خلال موقعها أن من ضمن اختصاصاتها متابعة حماية حقوق الإنسان ورصد الانتهاكات وتقديم مشورة للجهات المعنية في المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان.[i]
أحداث 2011، التي تمثلت في حراك احتجاجي واسع، كانت الاختبار الحقيقي الأول لدور اللجنة في الحقوق والحريات، لكنها فشلت في هذا الاختبار وفي ما تلاه من تداعيات.
هذا الفشل تمثل في:
- عدم دفاع اللجنة عن الحق في التظاهر والتجمع السلمي.
- تأييد رواية الحكومة وعدم الدفاع عن المعتقلين وعدم اعتبارهم معتقلي رأي.
- عدم الاعتراض على القوانين التي حُدِّثت والتي تمنع التجمع السلمي إلا بإذن من السلطات.
- عدم الاعتراض على القوانين التي تمنع أي نشاط حزبي ذي صفة سياسية أو حقوقية وتجرمه.
- تكرر خذلان اللجنة لمعتقلي الرأي حتى الآن وعدم تحركها من أجل الوقوف على قضاياهم وأسباب اعتقالهم وإكساب نشاطهم السلمي الحق في التعبير عن الرأي والإفصاح عن ذلك لعامة الناس وإدانة التعسف في معاقبة الناشطين والقمع المستمر.
اللجنة لا تتقيد بمبادئ باريس في عدد من النقاط، مثل:
- تعزيز حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية.
- عدم تقديم دراسات أو توصيات بخصوص التنظيمات القضائية والتشريعات والنصوص الإدارية السارية بما يهدف إلى حماية حقوق الإنسان.
- تجاهل حالات الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة أو الأجهزة الأمنية.[ii]
ماينا كياي، المقرر السابق الخاص المعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، ذكر في مؤتمر صحفي أثناء زيارته عمان في سبتمبر 2014، أن عمان تستخدم الحفاظ على السلم والاستقرار العام كأساس منطقي لتقييد حقوق التجمع وتكوين الجمعيات[iii].
اللجنة انتقدت ما جاء في المؤتمر الصحفي للسيد كياي، واعتبرت ما ذكره عن قمع الحكومة للاحتجاجات أو التظاهرات السلمية مجرد “استنتاجات لا تعتمد على وقائع معينة”، كما أنها وصفت لقاءاته بناشطين لم تحددهم الحكومة له في الجدول المعد له ب”اللقاءات الترفيهية”.
مندوب عمان لدى الأمم المتحدة انتقد تقرير كياي، وقال إنه خالف قواعد السلوك لولايته وإن تقريره يتضمن مغالطات كبيرة بعيدة عن الدقة والواقع.[iv]
لكن، وفق التقارير التي تصل المركز بصورة دورية عن الانتهاكات في عمان، بالإضافة إلى القوانين التي تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان وتساعد الحكومة على قمعها، فإن تقرير كياي عكس الواقع كما هو، ولا سيما وأنه مبني على شهادات لضحايا القمع.
كياي كذلك أثنى على إنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ولكنه انتقد مصداقيتها:
“إذا أردنا لهذ اللجنة الوطنية لحقوق الانسان أن تكون أكثر من واجهة للعلاقات العامة فينبغي أن تتمتع بمصداقية من قبل نشطاء حقوق الانسان. وتعاني اللجنة الوطنية العمانية لحقوق الإنسان من عجز في المصداقية.”[v] إنه انتقاد في موضعه، فبدلاً من أن تقوم اللجنة بدورها كراصد للانتهاكات ومدافع عن الناشطين الذين يمارسون حقهم الطبيعي في التعبير نصَّبت نفسها مدافعاً عن قمع الدولة، وعكست الحقائق وأدلت بمعلومات تخالف الحقيقة وتؤيد قمع السلطة.
عمان إحدى دول الشرق الأوسط التي يتمتع نظامها السياسي بالسلطة المطلقة، والحاكم أو السلطان يضع يده على العديد من المؤسسات ولديه العديد من المناصب، وهو ما ينتج نسخة لمركزية السلطة في أسوأ أشكالها تكرر نفسها عبر حكم متوارث وسياسة أمنية يفتقران إلى أي بعد وطني ويعتبران انتقاد الفساد والمسؤولين نيلًا من هيبة الدولة، وذلك دفاعاً عن وجودهما غير المشروع أساساً والمفروض بالقوة.
برأيك، هل غياب استقلالية اللجنة الحقوقية
الوطنية يؤثر في مصداقيتها؟
[i] https://www.ohrc.om/%d8%a3%d8%ae%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%b5%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ac%d9%86%d8%a9/
[ii] https://www.ohchr.org/AR/ProfessionalInterest/Pages/StatusOfNationalInstitutions.aspx
[iii] http://freeassembly.net/news/oman-statement-arabic/