
يتناول هذا التقرير قضية العنف المنزلي ضد المرأة من جانب قانوني واجتماعي ونظامي
أولا: العنف المنزلي والمجتمع العماني
إن العنف بشكل عام مبرر ومقبول في المجتمع الشرقي ويكاد أن يصبح أسلوب حياة وثقافة قوية متأصلة في المجتمعات الشرقية عامة والمجتمع العماني خاصة. يعتبر العنف الجسدي أيضاً وسيلة للتربية والتأديب. بل إن المادة الـ44 من قانون الجزاء العماني تبرر العنف ضد الأبناء وتجيزه إن كان بنية التأديب حيث إنها تنص على الآتي: “يعد استعمالا للحق تأديب الآباء ومن في حكمهم للأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعًا وقانونا”. أما في حالة العنف ضد المرأة فهو أيضًا مبرر ومباح من قبل المجتمع الذي يتقبل تعنيف الطفل والمرأة، والعنف مباح أيضًا من قبل المشرع الديني الذي يجيز للزوج “ضرب” زوجته لتأديبها. العنف ضد المرأة لا يقتصر فقط على الضرب من قبل ذكور العائلة، بل هو سلسلة من الأحداث تبدأ منذ سنينها الأولى وتستمر في حياتها الزوجية.
من الممكن حصر هذه الممارسات حسب الآتي:
- ختان الإناث: حيث إنه وبحسب مراقبين لا تزال جريمة ختان الإناث تمارس وبشكل واسع ضد شريحة كبيرة من الإناث. كما أن الجهات المعنية المدنية والحكومية لا تبذل جهودا يمكن وصفها بالكافية لتعزيز دور القانون من خلال نشر الوعي بين أفراد المجتمع وفرض رقابة على ممارسي ختان الإناث ورصد الحالات الممارسة سواء على مستوى أفراد أو مؤسسات ومحاسبة المسؤول عنها.
- الاضطهاد الجسدي والنفسي من قبل ذكور العائلة وإناثها أيضًا: تشهد العديد من النساء في السلطنة بتعرضهن لأشكال مختلفة من العنف والاضطهاد مثل: العنف اللفظي واستحقارهن بألفاظ معينة تستخدم في سياق عنصري ضد الإناث. كما أن النساء في عمان، تحت ذرائع دينية وقبلية واجتماعية، يُمنعن من اتخاذ القرارات المرتبطة بدراستهن الجامعية وحياتهن العملية والوظيفية، حيث إن بعض الأسر تحصر الإناث ضمن مجموعة من التخصصات التي لا تستوجب اتصالا بالجنس الآخر، بالإضافة إلى الصور المختلفة من العنف الجسدي الذي يودي بالعديد من الحالات إلى محاولة الانتحار.
- الاغتصاب الزوجي: بشكل عام يحظر المجتمع العماني المحافظ والمتشدد الحديث عن القضايا الجنسية التي تخص النساء، وهو أمر ينعكس سلبا على وعي النساء بحقوقهن الجسدية بل إن المجتمع العماني يبرر الاغتصاب الزوجي ويبيحه ويجد أن الزوجة مجبرة على الانصياع لرغبات زوجها وإلا خالفت عادات المجتمع وتقاليده، هذه الأفكار المجتمعية مبنية على التشريعات الدينية التي تبيح في العديد من نصوصها هذه الجريمة بل وترفض امتناع الزوجة عن ممارسة العلاقة الجنسية مع زوجها وتطلق عليها صفات غير إنسانية تشبهها بالحيوان فضلاً عن العقل الناقص الذي يحتاج إلى تسيير وسيطرة.
ثانيا: العنف المنزلي ضد النساء وفقًا للقانون العماني وطرق تعامل الحكومة مع هذه القضية:
- من الضروري تأكيد أن القانون العماني لا يحمل في نصوصه أي مادة تجرم العنف ضد المرأة، (باستثناء قانون تجريم تشويه الأعضاء التناسلية للإناث “الختان” غير المفعَّل على أرض الواقع).
- كما أنه لا يوجد نص قانوني يجرّم الاغتصاب الزوجي.
التوصيات المقترحة لمعالجة هذه القضية:
- تجريم أي عنف يُمارس ضد المرأة سواء من الأب/ولي الأمر أو من الزوج ومن هو في حكمهم.
- الاعتراف بالاغتصاب الزوجي وتجريمه.
- إلغاء أي شكل من أشكال الوصاية على المرأة خصوصاً بعد سن السابعة عشرة أو الثامنة عشرة.
- إلغاء نظام التصاريح والأذون المتبع ضد الفتيات في المساكن الداخلية التعليمية.
- تخصيص هيئة مدنية (مركز) معني باستقبال ومعالجة وإيواء النساء ضحايا العنف الأسري.
- إلغاء جميع القوانين التي تتعارض مع اتفاقية “سيداو” (مثل فرض الوصاية على المرأة في الزواج بمن ترغب، وكذلك تطليقها من زوجها في المحاكم بسبب التمييز العنصري القائم على مبدأ “الكفاءة في النسب” الديني الذي يجعل الزوج أقل منزلة اجتماعية من زوجته ويبيح وفق هذه الحجة تطليقها منها إجباراً وبأحكام قضائية تبرر جريمتها هذه بنصوص دينية).
- تطوير المناهج التعليمية وتحديثها بطريقة تقدم المرأة كشريك أساسي في بناء المجتمع وتغيير الصورة النمطية المتعلقة بكونها لا تصلح إلا للتربية والبيت.
- إنشاء لجنة مستقلة وذات صلاحيات ضبطية وتقدم حماية للمتضررات من العنف الأسري سواء من الأسرة أو الزوج.
- إنشاء مراكز متخصصة لإيواء ضحايا العنف الأسري والمنزلي.