
الأمسية الحقوقية “تجربة حقوقية” الثانية مع الناشط العماني سعيد جداد.
– قبل 1996، كنت مواطنا بسيطا يعيش في جو صنعه الإعلام العماني، يمجد السلطان قابوس ويعتقد أن عمان هي جنة الله في الأرض وأن فيها عدالة وحقوقاً ومساواة.
– انعطفتُ عن ذلك الطريق وتغير فهمي للنظام والدولة وحقوق الإنسان بسبب قضية ابني، والتي بدأت في نهاية 1994 وانتهت في 1996، بوفاته.
– تعرض ابني لحالة مرضية غامضة بسبب جرعة دم حُقن بها في مستشفى قابوس في صلالة، ولم أستطع حتى نقله إلى مستشفيات العاصمة مسقط إلا بـ”واسطة”، وهنا أحسست بقيمتي الحقيقية كمواطن.
– بسبب هذه الحادثة تأكدت أنني كمواطن لا قيمة لي وأن شعارات الحكومة والسلطان ما هي إلا خدعة كبرى وأن الوطن مختزل في اللصوص.
– بعد وفاة ابني أصبحت إنسانا بعقلية مختلفة تجعلني أدرك أن المواطن مجرد رقم يعيش على الفتات.
– تقدمت بشكوى إلى عدد من الجهات الرسمية وحتى إلى السلطان، وأخيراً استدعاني محافظ ظفار ووزير الدولة مسلم البوسعيدي إلى مكتبه ونصحني بالتخلي عن قضيتي ورفضت. وتلقيت تهديدات من جهاز الأمن الداخلي.
– الصحافة العمانية رفضت الكتابة عن قضيتي رغم أني اتصلت بأكثر من صحيفة منها، ونشرت صحف كويتية عنها وهنا فُوجئت الحكومة.
– بعد هذه الحادثة، توافد العديد من المواطنين الذين كانوا يشتكون إليَّ معاناتِهم انتهاكَ الكثير من حقوقهم، حتى إن بعضهم لشدة خوفه كان يزور بيتي الساعة الواحدة فجرا.
– “سبلة العرب” ساعدتنا على التعبير عن آرائنا بحرية وهو ما فاجأ الحكومة حينها حيث كان ردها بطيئاً.
– وقعت عريضةً في 2010 تُطالب بسلطنة دستورية ولا نعرف ما الذي حدث لها بعد أن سلمت إلى الجهات الرسمية.
– لم أكن من الأشخاص الذين بدأوا الحراك الاحتجاجي في 25 فبراير 2011 في صلالة، ولكني انضممت إليه لاحقا في اليوم الثالث، ولم أكن أتوقع حينها أن يصل الشعب الظفاري إلى هذه المرحلة من الغليان.
– اليوم التالي لمشاركتي في الاعتصام، جاءني رجل من الأمن الداخلي وهددني بإطاحة رقبتي في حالة حدوث أي عنف في الاعتصام. ولم تكن هذه المرة الأخيرة.
– حينما أُنهي الاعتصام، قامت القوات العسكرية برفع علم عمان في مكان الاعتصام، وكانوا قد أسموا عملية القضاء على الاحتجاج بـ”مخلب القط”.
– إنهاء العسكر الاعتصام بالقوة، شهد مناوشات بينهم وبين المحتجين، وكان الجيش وقتها أراد إطلاق الرصاص على المحتجين، ولكن بعض عناصر الجيش الظفاريين رفضوا الأمر وهددوا بتوجيه بنادقهم إليهم.
– سُجنت في سمائل ونزوى والقسم الخاص في مسقط وفي سجون متعددة في محافظة ظفار، وكنتُ وأبنائي دائما تحت مراقبة مشددة.
– اختُطِفتُ عدة مرات حدث جميعها وقت الليل. أول اختطاف كان كميناً أمنياً في الشارع، أخرجوني من سيارتي ووضعوني في سيارة أجرة وأخذوني إلى منزلي، اقتحموا البيت وقاموا بتفتيشه ووجهوا أسلحتهم إلى أبنائي وبناتي، وبعدها أخذوا أجهزة الكمبيوتر. ثم زجوا بي في أحد سجون صلالة.
– الاقتحام الثاني للمنزل وقع حين كنّا على سفرة العشاء أنا وأسرتي وفوجئنا بقوة أمنية تكسر باب البيت وتدخل المنزل وتعتقلني أمام أبنائي.
– المرة الثالثة، كانت في الساعة الواحدة فجرا، اقتحمت قوة أمنية المنزل لاعتقالي. كان عناصر القوة الأمنية ملثمين، أذكر أن هذه العملية سميت بـ”عملية العقرب”.
– في مسقط أُدخلت زنزانة انفرادية مرتين، الأولى عشرة أيام، والثانية مدة شهرين، وذلك في معتقل معزول عن كل شيء وأجهزة المراقبة في كل مكان فيه حتى في دورات المياه.
– كل عمل مذل كانوا يقومون به لم يكن ليثنيني، وكنت مستعدا لدفع أغلى ثمن من أجل كرامتي. هذه الأفعال كنت أعتبرها كالنار التي تصقل المعدن وزادتني قوة وصلابة.
– في إحدى المرات حكموا علي بثلاث سنوات مع وقف التنفيذ، وهددوني بإعادتي إلى السجن إذا عدت إلى النشاط الحقوقي والسياسي.
– قررت الخروج من البلاد وتركت والديّ المريضين وعائلتي في وضع مادي مزرٍ، ولكن قرار الخروج كان بالنسبة إليَّ حاسما من أجل أن أشعل شمعة في طريق الظلام.
–