حرية الدين والمعتقد في عمان

تُعتبر حرية الدين والمعتقد أحد التحديات الخطيرة التي يواجهها الناشطون والأفراد في منطقة الشرق الأوسط. 

قم بتنزيل   النسخة الإلكترونية

التحدي لا يتمثل فقط في رفض المجتمعات للأشخاص الذين ينتمون إلى المجتمع وقرروا اعتناق دين آخر، أو قرروا أن يكونوا بلا دين، بل كذلك في عدم وجود قوانين تحمي هؤلاء الأشخاص، بل إن قوانين كثير من الدول العربية مثل عمان والسعودية ومصر تتضمن مواد عقابية تطبق على المواطنين المسلمين الذين يعتنقون ديناً آخر أو يعلنون عدم رغبتهم في الانتماء إليه.

المادة 18 من القانون الدولي لحقوق الإنسان تنص على أنه:

“لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريّته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الجماعة أو على حدة”.

 

يُعتبر الإلحاد أهم الجوانب المعتقدية التي يتعرض معتنقوها لتحديات ومضايقات من المجتمع ومن الحكومة.

حسب القانون العماني، فإن المادة 269 من قانون الجزاء الجديد (العقوبات) تنص على أنه:

يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (3) ثلاث سنوات، ولا تزيد على (10) عشر سنوات كل من ارتكب فعلا من الأفعال الآتية:

 

أ – التطاول على الذات الإلهية، أو الإساءة إليها، باللفظ أو الكتابة أو الرسم أو الإيماء، أو بأي وسيلة أخرى.

 

ب – الإساءة إلى القرآن الكريم أو تحريفه، أو تدنيسه.

 

ج – الإساءة إلى الدين الإسلامي أو إحدى شعائره، أو سب أحد الأديان السماوية.

 

د – التطاول على أحد الأنبياء أو الإساءة إليه باللفظ أو الكتابة أو الرسم أو الإيماء، أو بأي طريقة أخرى.

 

وهذه المادة بصيغتها الراهنة، أو نصها السابق في قانون الجزاء السابق (المادة 2019) استُخدمت أكثر من مرّة ضد ناشطين عبّروا عن آرائهم في الإلحاد أو بعض الشعائر الإسلامية، وعُوقبوا بناءً عليها بالسجن والغرامة، منهم: حسن البشّام الدبلوماسي السابق والناشط على موقع فيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي، وعبدالله حبيب الكاتب والمترجم والناشط على فيس بوك أيضاً. آخرون نشروا مقالات انتقدوا فيها بعض جوانب التاريخ الإسلامي، وبسببها هُدِّدوا بالسجن إن نشروا في نفس الموضوع وأجبروا على توقيع تعهد بعدم العودة للكتابة مرة أخرى في المواضيع نفسها.

المادة  277 من قانون الجزاء العماني الجديد تنصُّ على أنه:

يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (10) عشرة أيام، ولا تزيد على (3) ثلاثة أشهر كل من جاهر في مكان عام بتناول الأطعمة أو المشروبات أو غير ذلك من المواد المفطرة في نهار رمضان.

 

لكن هناك جانباً أكثر خطورة كان شائعًا في عمان خلال بعض الفترات في عقدي الثمانينيات والتسعينيات وبعد بداية الألفية، وتراوح بين الظهور والاختفاء حسب توجيه السلطة له أو وفقاً للتضييق الذي مارسته الأجهزة الأمنية على المتدينين على إثر اكتشاف أكثر من تنظيم ديني كان يسعى إلى الانقلاب على سلطة الحكم، وهذا الجانب بدأ يعود إلى الظهور في المجتمع العماني مرة أخرى، وهو بروز شخصيات نخبوية محسوبة على التيار الديني، وأخرى على الثقافي، تعمل على التحريض على الإلحاد والملحدين، مع غياب القوانين التي تحمي حقّ الملحدين في ممارسة إلحادهم، وهناك من اعتبر الملحدين مرضى نفسيين وبحاجة إلى علاج. 

وفي عُمان شهدت العقود الماضية شن حملات تكفير على بعض الشعراء والكتاب الذين نعتهم رجال دين ذوو مناصب رسمية عليا في الدولة بأنهم ملحدون. وقد استغل المتنفذون من رجال الدين منابر المساجد للسخرية من الكتاب الذي سلكوا اتجاهات حديثة في الكتابة، وبالذات الذين كانوا معروفين بالتدين ويكتبون وفق طرق الكتابة التقليدية التي تسخر الدين في كل صغيرة وكبيرة. وفي بعض الأحيان كان هجوم رجال الدين على الكتاب الحداثيين يسجل على أشرطة الكاسيت وينتشر في أوساط المجتمع.

يمكن القول إجمالاً بأن القانون يقمع كل وجهات النظر المخالفة ولا يحمي الملحدين ولا الناشطين في أي مجال يمكن تفسيره بأنه ضد الإسلام، وأنه يسن عقوبات تمييزية صارمة على هؤلاء، مستمداً تبريره من أن الدين الإسلامي يعتبر أي شخص يترك الإسلام مرتداً ويستحق القتل!

برأيك، كيف يمكن حماية المختلفين في المعتقد، وخصوصاً الملحدين، من أي انتهاك لحقوقهم؟

قد يعجبك ايضا